وقفة مع ندوة (مآلات الصراع مع اليهود بعد معركة سيف القدس)

بقلم ـ الداعية طه أبكر

من الله سبحانه وتعالى علينا بالحضور في الندوة التي أقامتها وزارة الارشاد وشئون الحج والعمرة في جامع الشعب بصنعاء والتي كانت حول العنوان المذكور اعلاه واستمعنا الى ما قدم من المناقشات النافعة والمفيدة الرائعة.
ولقد كنت أتذكر وانا انظر بين الحاضرين الى قول الله سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِـمُونَ(102)وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(103))من سورة آل عمران
فكم هي من نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى في أن يجتمع ابناء الإيمان والحكمة من السلفيين وانصار الله في قضية تُعد أهم قضايا الأمة المحمدية في هذا العصر وهي القضية الاولى والمركزية للأمة.
فهؤلاء أهل اليمن ينتصرون على العدو مرة بعد مرة ويحبطون مساعيه في تفريقهم وفيما يريد لهم من العداوة والبغضاء بل وينتصرون عليه حين يشاركون أبناء أمتهم في همومهم على رغم ما يكابدون جراء العدوان الظالم الغاشم والحصار الخانق الشامل.
وإني أحببت أن أشاركهم فيما قاموا به من العمل بهذا التعليق.
والذي هو :بعنوان
‹*› القضية الجامعة والقواسم المشتركة
(القضية الفلسطينية نموذج)
إن الله سبحــانه وتعالى جعل للناس اطاراً جامعا تتوحد به صفوفهم وتجتمع عليه كلمتهم.
وإن السعي الى الإئتلاف والإجتماع من شأن المصلحين الحكماء كما أن السعي للإختلاف والتفرق من أعمال المفسدين السفهاء.
وإن الإعتماد على قواسم مشتركة وجعلها أرضية صلبة للبناء منهج رباني فإن الله سبحانه وتعالى يقول:(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(62)) من سورة البقرة
ولم يذكرها الله سبحانه وتعالى في موضع واحد بل كرر ذكرها ايضا في سورة المائدة فقال سبحانه وتعالى:(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(69)) من سورة المائدة-
ومن ذلك التكرار نعلم أهميتها وضرورة حاجتنا إليها فإن الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح اساس الوحدة وجمع الكلمة ولم الشمل وعلى ذلك النجاة يوم القيامة.
وإذا كان المنهج الالهي والشرع الرباني يجعل من تلك قاعدة ثابتة يجب الإجتماع عليها دائما وابدا.
فإن في الواقع قضايا مرحلية يمكن للناس أن يجتمعوا عليها ويلتفوا حولها بل مما يجب عليهم والقضية الفلسطينية نموذج فإنه يجتمع حولها كل الشرفاء والاحرار والصادقين وكل من كان عنده ذرة من انسانية وخير فضلا عن اجتماع كل من كان عنده شيء من دين وايمان.
وهذا الواقع يقول كلمته الصريحة والواضحة في بيان حال الاحرار والشرفاء فهو يشهد للاحرار والشرفاء ويفضح الانذال والعملاء
وإن كان الواقع يقدم بيّناته فإن القرآن يقول كلمته الفاصلة في بيان حال الصادقين في ايمانهم بالله وباليوم الآخر ويكشف حال الكاذبين في ايمانهم بالله واليوم الآخر.
فإن الله سبحانه وتعالى يقول:( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ(22))من سورة المجادلة
فمن زعم الإيمان بالله واليوم الآخر وهو على مودة الذين يحادون الله ورسوله فإنه غير صادق في تلك الدعاوى.
ولهذا فإن الله سبحانه وتعالى يقول:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ(8) يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ(10)) من سورة البقرة.
ولقد بين الله سبحانه وتعالى من خلال الواقع الذي نعيش فيه من هؤلاء الكاذبين فقال سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ(51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ(52))من سورة المائدة
فإنه لا يسارع في اليهود والنصارى الا الذين في قلوبهم مرض وهم من يقول امنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون.
ومن هنا يعلم كل من كان له دور ايجابي في محور المقاومة في هذه القضية وفي قضايا الامة أنه استجاب لله سبحانه وتعالى حين قال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(119))من سورة التوبة
وإن الصادقين هم الذين قال الله سبحانه وتعالى عنهم:( إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَـمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(15)) من سورة الحجرات.
وإن هذا التحرك المبارك ياتي من الاستجابة للاحاديث النبوية فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله انه قال:( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ)
وعنه صلى الله عليه وعلى آله:( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
وفي الاخير وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

مقالات ذات صلة