النقب تشهر سيفا دفاعاً عن الأرض

حمد النجار 

 

لم تتوقف جرائم الاحتلال في بقعة واحدة من أرض فلسطين التاريخية الاحتلال ومستوطنوه يعملون بكامل قدرتهم السياسية والعسكرية لنهب ما تبقى من الأرض الفلسطينية، مستحضرين سياستهم الأولى التي جاؤوا عبرها إلى أرض فلسطين، لم ينسوا ولن ننسى كيف جاء هؤلاء وماذا فعلوا بأصحاب الأرض الحقيقيين، كم مجزرة ارتكبوا وكم مرة على الجماجم داسوا لتبقى هذه الأرض التي استوطنوها شاهدة على هذا الجرم، لعصابات لم تعرف يوما إلا القتل والذبح وإراقة الدماء كي تهيء الأجواء للمستوطنين ليسكنوا ويعيشوا على هذه الأرض كبديل عن أصحابها الأصليين، لكن الحق حق، ولا حق يضيع خلفه مطالب ومقاومة عرفت طريقها وحفرت في الصخر كي تصنع معادلة جديدة، كبديل عن معادلة  أرادوا من خلالها أن يشطبوا الحقوق والثوابت ولا تعرف إلا التنازل والخضوع ، لم تتوقف مخططات الاحتلال الرامية إلى سلب مزيد من الأرض في كل شبر من أرض فلسطين.

نشاهد في كل يوم كيف تصادق حكومة الاحتلال على مشاريع ومخططات جديدة لبناء وتطوير وحدات سكنية جديدة، وحكومات الاحتلال  وتنافسها على سلب المزيد  من الأرض والهدف هو ابتلاع الضفة كلها، تمهيدا لتحويلها إلى كنتونات معزولة فتارة نشاهد الاحتلال يركز نشاطه في القدس وضواحيها، وتارة يركز نشاطه في الضفة الغربية ، وتارة في النقب، وتارة كلها معا. لكن رغم هذا الواقع الأليم ما زال الأمل موجودا، ولدينا كثير من الشواهد ونماذج وبطولات تستحق التقدير، مثل بيتا وجبل صبيح وبرقة وبلعين…والقائمة تطول.

لكننا سنتكلم هنا بشيء من التفصيل عن بقعة جديدة أشهرت سيفا دفاعا عن الأرض والعرض والكرامة، منطقة النقب والتي تبلغ مساحتها  نحو 14 ألف كيلومتر مربع، ويغلب عليها الطابع البدوي، ويقطنها عشائر فلسطينية، وتشكّل نصف مساحة فلسطين التاريخيّة ،عدد سكانها يقدر بنحو 300 ألف  يعيشون على 5٪ من الأرض. منذ عدة أيام صعد الاحتلال اعتداءاته بحق هذه المنطقة، وسط مواجهات شديدة وتصدٍّ من قبل الأهالي للاحتلال في تلك المنطقة. نحو ٣٥ قرية “مسلوبة الاعتراف”  من أصل ٤٦، تعيش هذه القرى ظروفا صعبة وطارئة تهدّد بيوتها بالهدم، وأراضيها بالمصادرة، فضلاً عن حرمانها من الكهرباء والماء وكافة شبكات البنى التحتية، والمرافق الخدماتية الصحّية والتعليمية، ناهيك عن سياسة هدم البيوت، فهي الأعلى في فلسطين، بمعدّل نحو ألفي عمليّة هدم سنوياً  وفق ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﺘﻨﺴﻴﻖ اﻟﺸﺆون اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ  (أوﺗﺸﺎ).

فالوضع في النقب تراكمي وليس وليد اللحظة، وعوامل عدة جعلت منه محل أطماع الاحتلال ومستوطنيه، فالموقع استراتيجي ومهم للاحتلال، يسعى لجعله قاعدة عسكريّة كبيرة لخدمة المشاريع الإسرائيليّة في الشرق الأوسط، إضافة إلى أنه يحتوي على مخزون مائي يقدر بـ 11 مليار متر مكعّب، يحاول الاحتلال السيطرة على تلك المنطقة الاستراتيجية من خلال تجميع سكانها على أقل مساحة ممكنة من الأرض، لإتاحة أكبر قدر ممكن من المساحة والتي تقدر بنحو 800 ألف دونم وتركها فارغة كي يسهل عليه مصادرتها.  يستخدم الاحتلال عدة طرق للمصادرة في تلك المنطقة، منها استغلال صندوق القرى غير المعترف بها عبر اقتحام عناصر الصندوق، بحماية من شرطة الاحتلال وبمرافقة الجرافات، والبدء بتجريف الأراضي وتحريشها من دون أيّ سابق إنذار، تمهيداً لتسييجها ومن ثمّ مصادرتها لصالح المشروع الاستيطاني اليهودي ، إضافة إلى الضغط على الأهالي عن طريق الابتزاز، والاشتراط عليهم لتعترف بقراهم أن يتنازلوا عن مساحات شاسعة منها. وبالعودة إلى انتفاضة النقب ومواجهة أهلها للاحتلال بكل بسالة في سعوة وعرب الأطرش وتل السبع وشقيب السلام” وإصرارهم على التشبّث بحقوقهم، مسطّرين بأظافرهم وصدورهم ملحمة نضال وصمود يومية.  ا

لأهالي في النقب يفعلون ما يستطيعون ويقاومون الاحتلال بأدواتهم البسيطة وصدروهم العارية، فما واجبنا تجاههم وما الذي يمكن أن نقدمه لهم؟ النقب اليوم في محنة كبيرة وبحاجة إلى كل سبل الدعم والمساندة، فواجبنا اليوم أن نتفق نحن الفلسطينيين على مشروع وطني فلسطيني تحرري موحد يهدف إلى تحرير فلسطين كاملة، وإدارة المقاومة بكافة أشكالها في مواجهة الاحتلال، كما أنه مطلوب  دعم أهل النقب وإسنادهم وتعزيز صمودهم أمام كل آليات البطش الصهيونية  وذلك من خلال تكثيف وتصعيد الفعاليات الجماهيرية والشعبية الداعمة لهم ، إضافة إلى تصعيد الاشتباكات الميدانية في كل نقاط التماس مع الاحتلال واستنزافه بكل الطرق والأدوات وجعله في تصاعد مستمر حتى إسقاط مشروع الاستيطان ودحره، كما يجب أن ندعم أهالي النقب عبر تشكيل صندوق دعم مالي لتعوضيهم وإسنادهم في مواجهة هذه الهجمة المسعورة، وتنظيم حملات واسعة تطالب بحق هذه القرى في العيش بكرامة وتوفير سبل العيش لهم ودعم حقوقهم  في التعليم والصحة وكل سبل الحياة.

بتصرف من شهاب 

مقالات ذات صلة