‏خسارة الحكومات الأميركية لخدمات الإسلام السياسي.

محمد طاهر أنعم

‏حاولت الأجهزة الأميركية الاستخبارية بكل وسيلة الاستفادة من المقاتلين الإسلاميين لتوجيههم للقتال ضد خصومهم مثل الجيش الصيني (بحجة اضطهاد الإيغور) وضد الجيش الروسي بحجة أوكرانيا، ولكنها فشلت فشلا ذريعا بخلاف السابق، فما السبب؟!

‏في السابق كان الإسلام السياسي (الإخوان المسلمين والوهابيين) يتخادمون مع النظام السعودي في بعض القضايا الفكرية والتوسعية، وهذا ما لفت نظر الاستخبارات الأميركية لمحاولة الاستفادة منه، لارتباطها الوثيق بالنظام السعودي.

‏فكانت المواجهة مع الجيش السوفيتي في أفغانستان هي باكورة ذلك التخادم غير المباشر، بحجة مقاومة الاحتلال الشيوعي لبلد إسلامي.

‏وحين رأت الولايات المتحدة النتائج المبهرة لذلك التخادم انفتحت شهيتها، فسارعت لتكرار التجربة في البوسنة ضد الجيش اليوغسلافي وفي الشيشان ضد الجيش الروسي، ودعمت واخترقت إنشاء الجماعات المتطرفة ووجهتها ضد خصومها المحليين من حكومات أو أفراد، وتغض الطرف أحيانا عن تجاوزاتهم واستهدافهم لمصالحها أو حلفائها.

‏وكان آخر هذا التخادم في سوريا حين تحركت الجماعات المتشددة بحجة مناصرة الشعب المستضعف ضد النظام الدكتاتوري، بينما الهدف الأميركي هو إنشاء نظام بديل يسمح بمد أنبوب الغاز القطري عبر الأراضي السورية إلى أوروبا، لحصار الغاز والاقتصاد الروسي وهو ما فهمته روسيا سريعا فألقت بكل ثقلها في الصراع السوري بخلاف غيره

‏ومؤخرا فشل الأميركيون في تجييش المقاتلين الإسلاميين ضد الصين رغم تحريك الإعلام القطري وبعض الدعاة والشيوخ في قضية اضطهاد أقلية الإيغور المسلمة هناك، ونفس الأمر يحدث تجاه حرب روسيا ضد أوكرانيا في محاولة تهييج بعض الدعاة الإسلاميين وقناة الجزيرة وأخواتها في الإعلام القطري الذي يستخدمه الأميركيون لتحريك الوعي العام للإسلاميين المنتمين لتلك التيارات.

‏هناك أسباب متعددة لذلك الفشل، لكن أهمها حسب تحليلي هو النزاع السعودي القطري العميق منذ سنوات، واستمرار آثاره رغم المصالحة الظاهرية.

‏فمنذ قام النظام السعودي بسجن مئات القيادات الإسلامية قبل ست سنوات بعد تأكده من علاقتهم بالنظام القطري، وإيقاف قنواتهم الإعلامية ومؤسساتهم الخيرية، منذ قيامه بهذا تعرضوا لضعف شديد في التأثير والتعبئة.

‏والسبب في هذا يرجع لاختلاف التوجهات الأميركية بين سياسات الديمقراطيين (الذين يفضلون قطر وتحالفاتها الجديدة مع الإسلاميين، ويفضلون الصدام مع الروس والصينيين) والجمهوريين (الذين يفضلون النظام السعودي ويهتمون بالتطبيع، ولديهم سياسات مختلفة مع الروس والصينيين).

‏وأعتقد أن السعوديين وحلفاءهم من الجمهوريين الجدد وتيار العولمة المتصهين يتعمدون إفشال استخدام الديمقراطيين والمجمع الصناعي العسكري وحلفائهم القطريين للإسلاميين لتحقيق نجاحات في سياساتهم الخاصة التي قد تتعارض مع اهتماماتاللتيار المتصهين في التركيز على المنطقة التي تحوي دويلتهم.

مقالات ذات صلة