فلسطين بين أوسلو وستالينغراد…

كتب – حليم خاتون .

سنة ٦٧ قام الإتحاد السوفياتي بتحذير عبد الناصر من البدء بالحرب ضد إسرائيل؛
كذلك فعلت معظم الدول، ومن بينها فرنسا…

النتيجة كانت هجوم اسرائيلي مفاجيء فجر الخامس من حزيران ٦٧،
وبدعم أميركي كامل وواضح؛
هجوم دمرت فيه اسرائيل كل الطائرات المصرية والسورية والأردنية على أرض المطارات.
اجتاحت اسرائيل واحتلت خلال خمسة أيام
كامل سيناء، كامل الجولان، كامل ما تبقى من فلسطين التاريخية في الضفة وقطاع غزة.

كانت هزيمة ساحقة أعادت الأردن إلى بيت الطاعة الأميركي الصهيوني وقضت على النهضة العظيمة التي كان يقودها ناصر والتي جعلت من مصر يومها، قائدة حركة التحرر الوطني على المستوى العالمي.

لم يستطع عبد الناصر لوم الخارج، لأن سبب الهزيمة الأساسي كان من الداخل..
وفي الداخل.

هذا ما سمعه من السوفيات، وهذا ما سمعه من شارل ديغول الفرنسي.

قال له السوفيات أن هتلر باغتهم بالهجوم المفاجيء سنة ١٩٤١، أثناء الحرب العالمية الثانية، رغم المعاهدات والعلاقات الديبلوماسية….
تقاسم معهم بولندا؛ ارتاح إلى وضعه على الجبهة الشرقية، ثم، وبشكل مفاجيء ودون إعلان الحرب، اكتسح القسم السوفياتي من بولندا وأكمل حتى وصل رأس الهجوم إلى تخوم موسكو؛
بينما اكمل جناح هجوم آخر إلى ستالينغراد لإسقاطها، لرمزية حملها اسم الزعيم السوفياتي يومها، جوزيف ستالين.

ماذا حصل؟

لم يولول السوفيات كما يفعل العرب.

طبعا، كان هناك تخاذل.
طبعا، كانت هناك خيانات.

لكن الشعوب السوفياتية هبت هبة رجل واحد للدفاع عن الوطن الأم على أبواب العاصمة، موسكو.
استطاع الجنرال جوكوف كسر رأس الهجوم الألماني بعد إعادة تنظيم الجيش المهزوم وبالتعاون مع الجيش الشعبي والمقاومة التي نشأت من فورها لتحرير الوطن.

لم يهادن السوفيات.
لم يطالبوا ولم يقبلوا بأي وقف لإطلاق النار.

لم يتخاذلوا عن الإلتفاف حول المقاومة (كما يفعل جهابذة العرب واللبنانيين).
دمرت ستالينغراد عن بكرة أبيها.
استمرت الحرب حول، وداخل هذه المدينة، قرابة السنتين.
حصار… جوع…نقص في المؤن، وفي الذخيرة…

جرت المعارك من بيت إلى بيت؛ بل في نفس البيوت أحيانا، من غرفة إلى غرفة؛
إلى أن انهار الهجوم الألماني وانتقل السوفيات إلى الهجوم المضاد.

معركة ستالينغراد غيرت تاريخ البشرية.
قلبت اتجاه رياح الحرب.

لأول مرة في الحرب العالمية الثانية، استسلمت
القوات الألمانية الغازية بعشرات الألوف مع كبار جنرالاتها….
كل هذا، رغم التفوق الألماني الجارف.
يحب البعض التحدث عن البرد وتأثيره على الألمان.

نعم، حتى الطقس، ساند المقاومة ولم يرضى لنفسه خيانة الأرض.

تماما كما يفعل “طقسنا”
وبطركنا ومفتي الديار، وبقية جوقة الذل والإستسلام .

هكذا تكون الشعوب.

هكذا تكون الكرامة.

يقال ايضا، أن عبد الناصر لام الرئيس الفرنسي شارل ديغول لأنه طلب من مصر عدم المبادرة إلى الحرب يومها.

كان جواب ديغول،
ولماذا توقفتم عن القتال؟
لماذا وافقتم على وقف إطلاق النار؟!؟

ماذا لو دخلت اسرائيل، ليس فقط إلى سيناء، بل حتى إلى قلب القاهرة…؟

ماذا لو دخلت الى دمشق وعمان وبيروت و …..؟

ليس المهم ان تدخل قوات احتلال إلى أي مكان.

المهم، أن تستطيع البقاء فيه.
اجتاحت المانيا النازية فرنسا في بضعة أيام.

دخلت المدن والقرى .

احتلت باريس، العاصمة .

اعتقلت الحكومة القائمة .
أقامت حكومة من العملاء،
موالية لها ( من أمثال بشير وصبيانه عندنا).

ماذا حصل؟

قام الجزء الشريف من الشعب بإنشاء المقاومة.

لم تحصل هذه المقاومة الفرنسية على الإجماع…

هذا مهم، ولكنه ليس الأهم.

لم يخرج أي كاردينال أو بطرك، أو ضراب طبل، يطلب نزع سلاح المقاومة
أو ينادي بالحياد…

المقاومة قامت.
المقاومة أقامت الدنيا ولم تقعدها…حتى بعد التحرير

المقاومة أعادت بناء فرنسا المعاصرة التي نعرفها اليوم.
………؟!؟!
اليوم في بيروت، يتواجد إمناء الفصائل الفلسطينية.

نسخة عن مسخ اسمه الجامعة العربية.
نسخة عن مسخ اسمه القمة العربية.

إلى هؤلاء جميعا، دون استثناء،

وقف إطلاق النار لا يحرر أوطانا.
الهدنات ، ليست حلا .

اقرأوا التاريخ…
تعلموا من تجارب الشعوب الأخرى…
اقرأوا تجاربكم انتم، هزائمكم انتم،
خذلانكم أنتم لشعبكم…

لا يحرر الأوطان إلا الدماء.
دولارات الخليج تحمل السم.
هؤلاء ليسوا سوى عبيد لسيدهم الأميركي…

الجوع ولا المذلة…

لا تنتظروا أي إجماع من الأمة…
ألم تتعلموا مما حصل من هذه الأمة سنة ٤٨ …؟

إلى متى!؟!؟!

الحرب، ولا شيء غير الحرب.

” الشعب الفلسطيني، ثورة، ثورة على الصهيونية …”

كلمات في أغنية، تحتاج إلى قادة …

“نموت واقفين ولا نركع”

هذا ليس شعار ،

هذا استراتيجية.
نموت واقفين ولا نركع ..!

مقالات ذات صلة