الصهاينة يكذبون دائماً.. ماذا عمن يصدّقهم؟

حان الأوان للجميع وكما فعل ذلك أولاد وأحفاد مانديلا للحديث بشجاعة عن كل التفاصيل الخاصة بالقضية الفلسطينية دينياً وتاريخياً وإنسانياً، طالما أن الصهاينة مغتصبون والشعب الفلسطيني على حقّ مطلق باعتراف الملايين من شعوب العالم.

من دون العودة إلى النصوص الدينية والأساطير التاريخية والقناعات الاجتماعية أي الشعبية بحقّ اليهود الذين عاشوا ويعيشون في العديد من دول العالم، جاءت النظرية الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر لتنقذهم من مصيرهم المحتوم، وهو ذوبانهم في المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها من دون الاختلاط بشعوبها، والسبب في ذلك هو سلوكهم الاجتماعي والثقافي المختلف عن عادات وتقاليد الآخرين. 

فعلى الرغم من حالات التمرّد في العديد من الدول، ومنها روسيا وبولندا ورومانيا وإسبانيا ودول أخرى خلال المراحل التاريخية المختلفة، فقد استغلّ الصهاينة وضع اليهود الاجتماعي لتحريضهم على التوجّه السياسي وتوحيد صفوفهم تحت سقف العقيدة الدينية، وملخّصها “العودة إلى أرض الميعاد”.. فاستنفرت الحركة الصهيونية من أجلها كلّ إمكانياتها العلنية منها والسرية، وعبر شبكة واسعة من العلاقات التي نجح اليهود دائماً في إقامتها بسبب سيطرتهم على قطاعات مهمة في اقتصاد الدول والشعوب، وأهمها الطب والصيدلة والكيماويات والصيرفة والبنوك. 

وكان ذلك كافياً للتغلغل في الأوساط الحاكمة في الكثير من الدول التي سكنها اليهود بكثافة، كما هو الحال في روسيا وبولندا وألمانيا وإسبانيا، بل وحتى في الدولة العثمانية التي نقلت الآلاف من يهود إسبانيا إلى أراضيها بعد سقوط دولة الأندلس عام 1492.  

وشجّع ذلك مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل للتواصل مع السلطان العثماني عبد الحميد لإقناعه بالسماح لليهود بشراء الأراضي في فلسطين مقابل مساعدته على التخلّص من ديونه للدول الأوروبية. 

ومع فشل هرتزل نسبياً في مساعيه هذه مع عبد الحميد ومن جاء بعده حتى سقوط الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، اتجهت أنظار الصهاينة إلى أوروبا خاصة بعد وعد بلفور عام 1917، وصعود التيار النازي المعادي لليهود في ألمانيا، حيث اتهم هتلر اليهود “بطعن ألمانيا من الخلف لأن أصحاب المصانع الحربية ومعظم عمّالها كانوا من اليهود وتأخّروا عن قصد في تغطية احتياجات الجيش الألماني”. 

ومع عودة هتلر إلى الساحة السياسية بشكل أقوى مع بداية 1930 استغلّت الحركة الصهيونية العداء النازي لليهود، لتشجّع اليهود على الهرب من ألمانيا إلى فلسطين. ويفسّر ذلك ما أشار إليه هرتزل لاحقاً حيث قال “لولا العداء للسامية لما نجح اليهود في إحياء هويتهم الدينية والتاريخية”. 

وعندما فشلت الصهيونية في مساعيها لإقناع اليهود بالهجرة إلى فلسطين ورجّحوا عليها أميركا، لم يتجاوز عدد الذين توجّهوا إلى فلسطين الـ 50 ألفاً للفترة من 1933 – 1938. ودفع ذلك الصهاينة للبحث عن طريق آخر، ألا وهو دعم هتلر للوصول إلى السلطة حتى يتمادى في عدائه لليهود، حتى يضطروا للهجرة إلى فلسطين مع إقناع واشنطن عبر اللوبيات اليهودية هناك بعدم قبول المهاجرين اليهود إلى أميركا.

وجاءت زيارة الأميركي جون فوستر دالاس الذي أصبح لاحقاً وزيراً للخارجية، ومعه شقيقه آلان دالاس الذي أصبح رئيساً للمخابرات الأميركية المركزية، إلى برلين ولقائهما بهتلر لتضيء الضوء الأخضر للانفتاح الأميركي اليهودي، وساهم ذلك في إقناع الشركات الأميركية بتأجيل ديون ألمانيا المستحقة. وجاء قرار التأجيل هذا ليشجّع الشركات الأميركية والعائلات اليهودية لتلبية كلّ احتياجات هتلر، وكان الجميع يعرف أنه يستعد للحرب. 

وكان بين هذه العائلات اليهودية “Thysen” وكروب وكيردرف وروتشيلد ومصانع جنرال موتورز ودوبوند وفورد وستاندرد أويل وشل، واليهوديان ماكس وأربورغ مؤسس البنك الفدرالي الأميركي وشقيقه بول، واليهودي جاكوب والانبرغ (مصانع SKF) واليهودي براون بروس هاريمان الذي باع هتلر 500 طن من الرصاص قبل الحرب العالمية الثانية بعامين. 

وكتب وتحدّث العديد من المؤرخين الألمان والأميركيين عن الكثير من التفاصيل حول هذا التعاون الوثيق بين هتلر ويهود أميركا بل وأغنياء اليهود الألمان، ونقلت بدوري البعض من هذه التفاصيل في كتابي الذي صدر نهاية 2020 بعنوان “فلسطين لي أنا”.

وسعى اللوبي اليهودي في تركيا وأتباعه لمنع توزيعه وبيعه لما تضمّنه من حقائق مهمة عن هذا التعاون، إضافة إلى أكاذيب ما يسمّى بالمحرقة أو كما يسميها اليهود بالهولوكوست التي يستخدم الكثير من الساسة والمثقّفين العرب والمسلمين تسميتها إما بجهل أو لتواطئهم مع الكيان الصهيوني. ومن دون أن يخطر على بال هؤلاء أن هتلر قتل مئات الآلاف من الغجر والشيوعيين والمعاقين، وأكثر من 20 مليوناً من الشعب السوفياتي و11 مليون ألماني.

فقد دحض المؤرخ الأميركي Fred A.Lehchter أكذوبة الستة مليون يهودي وقيل إنهم ضحية “المحرقة”، وقال “كحد أقصى الحسابات تبيّن أن عدد اليهود الذين لقوا مصرعهم خلال فترة الحرب العالمية الثانية هو 775 ألفاً، وماتوا لأسباب مختلفة، ومنها الأمراض والأوبئة التي كانت متفشّية آنذاك خاصة في مراكز تجميع اليهود الفقراء الذين رفضوا الذهاب إلى فلسطين. 

وهو ما أشار إليه البروفسور الأميركي اليهودي Norman Finkelstein، فيما قال البريطاني ريتشارد هارد إنه لم يكن في أوروبا عموماً ستة مليون يهودي، وكان هتلر بحاجة للكثير منهم كأيدٍ عاملة في المصانع الحربية فلماذا يقتلهم. وهذا ما أكّده المؤرخ الفرنسي روجيه غارودي Rojer Garaudy الذي قال ومعه العديد من المؤرخين “إن عدد اليهود في العالم لم يتغيّر كثيراً للفترة من 1938 – 1947”. 

ويدحض ذلك ادعاءات الصهاينة فيما يتعلق بعدد ضحايا “المحرقة”، وكذّبها العديد من أساتذة الجامعات والبعض منهم يهود في مختلف الاختصاصات وبعض المؤرخين والصحافيين ومنهم البروفسور الأميركي Arthur Butz و الأكاديمي الفرنسي Robert Forison والباحث ال انجليزي David Erving والمؤرخ الأميركيMark Weber

والبروفسور الألماني Germar Rodolf 

والبريطاني Richard Hard  

والفرنسيان Pual Rasinie  وRoger Garaudi 

والكندي Arnedt Zandel

والمؤرخون اليهود ومنهم Walter Laqueur  وDeborah Lipstadt، وYehuda Bauer وMark Weber

فقد كذّبوا معاً رواية “المحرقة والأفران وغرف الغاز والصابون اليهودي”. 

وأكدوا استحالة حرق ستة مليون يهودي خلال خمس سنوات في الأفران التي كانت موجودة بأعداد قليلة في مركزين فقط في بولندا. كما أكّدوا أنّ غاز “زيركون – ب” كان يستخدم في حرق جثث الموتى لمنع تفشّي الأمراض الخطيرة، مع الإشارة إلى أن شركة Farben اليهودية هي التي كانت تغطي احتياجات هتلر من هذا الغاز.

كما كذّبوا معاً ادّعاءات آلة الدعاية الصهيونية فيما يتعلق بالصابون الذي كان الصهاينة يقولون إنه كان مصنوعاً من جثث اليهود الذين تم حرقهم. وربما لهذا السبب قال الصحافي الصهيوني الشهير إميل لودفيغ “إنني وباسم صهاينة العالم لن أنسى فضل هتلر علينا، وعلى بني إسرائيل أن يقيموا له نصباً تذكارياً عظيماً”.

وأما هرتزل فقد سبقه في الاعتراف بفضل هتلر حيث قال “لولا عداء هتلر لليهود لما اكتشفوا هويتهم الحقيقية”. والغريب في الموضوع أن الغرب الذي ينادي بحرية التعبير عن الرأي يلاحق كلّ من يكذّب ادعاءات الصهاينة فيما يتعلق بـ “المحرقة”، وتعرّض العديد من المؤرخين والأكاديميين، ومنهم غارودي والكندي أرنت زاندال وآخرون لمثل هذه الملاحقات القضائية وعقوبات السجن بعد التهديدات المباشرة وغير المباشرة. 

واستخدم الصهاينة وما زالوا قوة الإعلام وشركات الإنتاج السينمائية للدعاية لأكاذيبهم من جهة، ومن جهة أخرى لشنّ حملات مسعورة ضد من يعترض على أكاذيبهم. وهذا هو الحال في شبكات التواصل الاجتماعي التي يسيطر عليها اليهود، والتي تمنع أي معلومة أو صورة تزعج “إسرائيل” واليهود، خاصة إذا كانت تذكّر الرأي العام العالمي وخاصة الأميركي والأوروبي منه بالشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في فلسطين.

فاليهود يسيطرون على قطاع الإعلام وشركات السينما والمسارح في أميركا وأوروبا، كما هم يسيطرون على عدد كبير من الجامعات في أميركا وأوروبا ودول أخرى، هذا إذا تجاهلنا علاقاتهم ببعض الأوساط العربية والإسلامية “المتصهينة” والمتواطئة مع “إسرائيل”. فهم يمنعون المثقّفين العرب والمسلمين من التصدّي لأكاذيب الصهاينة فيما يتعلّق بـ “المحرقة” وما تعرّض له اليهود عبر التاريخ، وسببه هم أي اليهود وقبل الآخرين أي المسيحيين والمسلمين. 

وقد حان الأوان للجميع وكما فعل ذلك أولاد وأحفاد مانديلا للحديث بشجاعة عن كل التفاصيل الخاصة بالقضية الفلسطينية دينياً وتاريخياً وإنسانياً، طالما أن الصهاينة مغتصبون والشعب الفلسطيني على حقّ مطلق باعتراف الملايين من شعوب العالم.

ويبدو واضحاً أنها لا تعرف أي شيء عن “المحرقة” ولا تصدّقها وهي الآن ترى بأم عينها المجزرة الوحشية بأبعادها الدينية والتاريخية التي تحدّث عنها نتنياهو، والتي ينفّذها الصهاينة بحقّ الشعب الفلسطيني الذي بصموده أثبت للعالم عدالة قضيته وهي حقيقة وليست من صنع الخيال، كما هو الحال في أكاذيب “المحرقة والأفران والصابون اليهودي” التي صدّقها ويصدّقها البعض من المتواطئين العرب والمسلمين مع حكّام صهيون، وهم أكذب عباد الله حتى في توراتهم!   

 

 

 

مقالات ذات صلة