حين تتحول “الرقية الشرعية” إلى أداة قتل: مأساة طفل تُكشف وحشية تجار الدين في إب

المنهاج نت _ متابعات

في واقعة مأساوية تهز الضمير الإنساني، لقي طفل في محافظة إب حتفه على يد من يُفترض به أن يكون راقياً شرعياً، بعد أن سُلِّم إليه بدعوى أنه “مسكون بالجن”.
الطفل، الذي دفع حياته ثمناً لأوهام وخرافات تُسوق باسم “الرقية الشرعية”، تُوفي بعد أن أقدم المدعو نبيل حارث، أحد مشايخ ما يُعرف بجماعة “أهل السنة والجماعة”، على دوس رقبته حتى خرجت روحه الطاهرة… لا الجنّ.

هذه الجريمة البشعة تُسلّط الضوء مجددًا على الوجه المظلم لتجارة “الرقية”، التي تحوّلت من وسيلة للطمأنينة والدعاء إلى أداة قتل وتدمير نفسي وجسدي، يمارسها أشخاص يختبئون خلف ستار الدين، ويستغلون جهل البسطاء وخوفهم، ليزرعوا في عقولهم الوهم والشك، ويفككوا الأسر، ويقودوا الناس إلى هوّة الاضطراب والوسواس.

تحت غطاء “إخراج الجن”، يتلاعب هؤلاء الرقاة بضحاياهم، يقنعونهم بأنهم مصابون بالسحر أو العين أو الخدم، حتى يصبح الإنسان ضائعًا، يشكّ في نفسه وأهله وزوجه، ويتحول إلى كائن هشّ ينهار تحت وطأة الأوهام.

والكارثة أن أمثال نبيل حارث لا يزالون يمارسون طقوسهم بحرية، دون حسيب أو رقيب، مستفيدين من سكوت السلطات، وغفلة المجتمع، بل وتواطؤ بعض المتدينين الذين يبررون هذه الممارسات باعتبارها “شرعية”.

من يرى نفسه منتمياً إلى جماعة أهل السنة والجماعة، فليتّقِ الله في ما يُقال ويُفعل باسمه. فالدين براء من هذه الوحشية، والقرآن لا يشرعن الإيذاء أو القتل، وما يحدث باسم “الرقية الشرعية” ما هو إلا تلاعب بالعقول والأرواح، وتكريس للجهل باسم الدين.

إن الجني الحقيقي ليس في أجساد المرضى، بل في عقول القتلة الذين يُشرعنون جرائمهم بآيات القرآن، ويجعلون من الدين مطية لنهب العقول والأرواح.

هذه الحادثة يجب ألا تمر مرور الكرام، فالمجتمع كله معني بإيقاف هذا العبث، وتجريم كل من يحوّل الرقية الشرعية إلى وسيلة للتعذيب والابتزاز والانتهاك.

مقالات ذات صلة