مسّيرات محور المقاومة.. عجز العدو ومحاولات الاستدراك

 

أيمن الرفاتي

 

م تسعى مجموعة مشتركة بين كيان الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية منذ عهد الرئيس دونالد ترامب للتعامل مع خطر الطائرات من دون طيار الإيرانية، فيما واصلت هذه اللجنة عملها مؤخراً في ظلِّ إدارة الرئيس جو بايدن. عاماً بعد عام، تتطوَّر القدرات العسكرية لدى محور المقاومة، لتواكب أحدث الأدوات العسكرية المؤثرة في الحرب مع العدو، الأمر الذي دفع مراكز البحث في كيان الاحتلال إلى تركيز دراساتها مؤخراً على هذه الأدوات، وخصوصاً الطائرات المسيّرة من دون طيار، التي أصبحت مشروعاً بمستوى سلاح الصواريخ الدقيقة التي يخشاها الاحتلال ويضع استراتيجيات مشتركة مع واشنطن لمواجهتها واستغلال الفرص منها لدفع الدول العربية إلى التقرب منه وشراء الطائرات والمنظومات المضادة التي يصنعها.

 

وقد زادت أهمية سلاح الطائرات من دون طيار خلال السنوات الأخيرة، بعدما أثبت فاعليته في الحرب النظامية والهجينة، وآخرها معركة “سيف القدس” في قطاع غزة، والضربات المتتالية على جبهة اليمن، وهو ما يلبي احتياجات محور المقاومة في ضوء اختلال ميزان القوة العسكرية في المنطقة. ومع هذا، استطاعت هذه الطائرات تغيير وجه الحرب الجوية في الشرق الأوسط، بما يؤهلها لتؤدي دوراً بارزاً في المواجهات المقبلة. ولهذا الغرض، تسعى مجموعة مشتركة بين كيان الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية منذ عهد الرئيس دونالد ترامب للتعامل مع خطر الطائرات من دون طيار الإيرانية، فيما واصلت هذه اللجنة عملها مؤخراً في ظلِّ إدارة الرئيس جو بايدن.

 

 مؤخراً، كشف أمير بوخبوط، المراسل العسكري لموقع “والا” العبري، أنَّ آخر السيناريوهات التي تدرَّب عليها الاحتلال يحاكي إطلاق آلاف الصواريخ والطائرات المسيّرة على الاحتلال، بما يؤدي إلى أضرار في مصانع الأمونيا، نتيجة الإصابات الدقيقة والكثيرة في كيان الاحتلال.

 

 ولا يزال الهجوم الذي نفَّذته القوات اليمنية في 14 أيلول/سبتمبر 2019، واستهدف منشآت إنتاج النفط التابعة لشركة “أرامكو”، محطَّ اهتمام أجهزة المخابرات في “إسرائيل”، إذ دقّت أجراس الإنذار لدى قوات الاحتلال حول الحادثة، في ما أجرى لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” تحليلاً يوصف بـ”المهم” حول استراتيجية إيران لتعزيز إنتاج وتطوير الطائرات من دون طيار وتعزيز نقل هذه التكنولوجيا إلى أطراف محور المقاومة، مثل حزب الله، والحشد الشعبي في العراق، و”أنصار الله” في اليمن، وحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة. وخلص التحليل الذي أجراه لواء الأبحاث إلى أنَّ القدرات الملاحية للطائرات الإيرانية المسيّرة وقدرتها على حمل عشرات الكيلوغرامات من المتفجّرات، جعل الاحتلال يشبّهها بالصواريخ الدقيقة.

 

 الخوف من مشروع الطائرات المسيّرة الإيرانية لم يعد يقتصر على “إسرائيل”، بل وصل إلى الولايات المتحدة، التي هدد رئيسها جو بايدن نهاية الشهر الماضي خلال قمة مجموعة العشرين بالردّ على تهديد الطائرات الإيرانية المسيّرة التي تتعارض مع مصالح واشنطن في المنطقة، إثر الهجوم الذي استهدف قاعدة “التنف” الأميركية في سوريا في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

 أما في كيان الاحتلال، فقد تابعوا المعلومات حول عملية استهداف قاعدة “التنف” بشكل كبير، مستحضرين خطورة أنَّ هذا الهجوم كشف تكتيكاً جديداً في إطلاق عدد من الطائرات الانتحارية من مناطق مختلفة، فقد انطلقت 3 طائرات من سوريا وطائرتان من العراق بشكل متوازٍ، ما يعني أنّ “إسرائيل” يمكن أن تتعرَّض لسلسلة من الهجمات من الطائرات المسيّرة، مصدرها عدد من الدول، مثل لبنان وسوريا والعراق وإيران وقطاع غزة، وربما مناطق أخرى بشكل متزامن، ما سيشكّل معضلة دفاعية. وفي هذا الإطار، يصف يوني بن مناحيم، الكاتب والمحلّل في موقع “نيوز 1” العبري، أنَّ التنسيق العالي والدقّة لدى محور المقاومة في تشغيل هذا السلاح الهجومي الجديد جعله سلاحاً خطيراً للغاية في الشرق الأوسط. وقد طوَّره الإيرانيون ليؤدي أدواراً مهمة بشكل مثير للإعجاب، كما حدث في حرب اليمنيين مع السعودية طيلة السنوات الماضية.

وركَّزت مراكز البحث في كيان الاحتلال على تصريحات الجنرال حسين سلامي، القائد في حرس الثورة الإيراني، في يونيو/حزيران الماضي، بأنَّ بلاده طورت طائرات من دون طيار يمكن أن تطير إلى مستوى 7000 كيلومتر وتهبط في أي مكان، مقرنين بحثهم بالإشارة إلى سلسلة من العمليات بالطائرات، وخصوصاً في الأردن وفلسطين المحتلّة خلال معركة “سيف القدس” وما بعدها.

أما وزير الأمن بيني غانتس، فقد اعترف بخطورة الطائرات الإيرانية المسيرة، إذ قال في 12 أيلول/سبتمبر الماضي خلال مؤتمر لمعهد سياسة مكافحة “الإرهاب” في جامعة رايشمان إنّ “إيران تدرّب نشطاء على إطلاق طائرات مسيّرة في قاعدة كاشان شمال مدينة أصفهان الإيرانية، وهم يصنعون ويصدّرون الطائرات لمبعوثين ويعملون بالتنسيق معهم بقيادة القوات الجوية لحرس الثورة وقوة القدس”.

  استراتيجية المواجهة

 

إنَّ محاربة السلاح الإيراني الجديد أخذت عدداً من المسارات مؤخراً، تمثل أولها بالتأثير الإعلامي والتهديد غير المباشر، عبر إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات على شركتين إيرانيتين و4 مواطنين إيرانيين، بتهمة التورط في عمليات الطائرات من دون طيار، ما يهدف إلى ردع العاملين في هذا المجال في الجمهورية الإيرانية ومحور المقاومة، كما يعتقدون، إذ إنَّ هذا الإعلان يُفهم منه أنّهم سيُدرجون في قائمة الاغتيالات المستقبلية لدى الولايات المتحدة و”إسرائيل”.

أما المسار الثاني لمواجهة هذا الخطر، فقد تجلّى بوصمه بأنَّه “سلاح قوة شيعي في مقابل الدول السنية في المنطقة”، وهو ما يفهم منه محاولة جديدة لاستحضار تجنيد الدول والتحالفات على أسس طائفية، الأمر الَّذي سيدفع الدول العربية الأخرى إلى رفع مستوى علاقاتها مع كيان الاحتلال وشراء طائرات مسيّرة من دون طيار من صناعته، إضافة إلى منظومات الإنذار والإسقاط التي تمَّ تطويرها مؤخراً بالتعاون بين الاحتلال والولايات المتحدة. وبهذا، تكون “إسرائيل” ضربت عصفورين بحجر.

 

 

مقالات ذات صلة