بين السيف والسيف.. سُيسدل الستار ويُهدم الجدار 

 

غزة – عادل ياسين

 

بين معركة وأخرى تتضح الصورة وتتجلي الحقيقة لترفع الستار الذي تهالك وأصبح بالياً رغم محاولات ترقيعه المتتالية للحفاظ على خرافة الجيش الذي لا يُقهر؛ فلم يعد للتدريبات الاستعراضية والتهديدات والتصريحات النارية مكان، مهما علا الصراخ وتعددت الأساليب. كيف لا ونحن أمام غزة التي ذاقت معنى الكرامة والعزة وأدركت بأن انتزاع الحقوق يتطلب دفع الثمن والاستعداد للتضحية وجباية أثمان وأثمان ممن يفكر الاقتراب منها أو المساس بكرامتها وهو ما تجلى خلال معركة حد السيف وما تلاها من معركة سيف القدس وبين تراكم إخفاقات العدو وانجازات المقاومة.  

إخفاقات الجيش المقهور أولا: تولي قيادة الجيش والأجهزة الأمنية مهمة الإشراف على مثل هذه العملية يُجسد مدى أهميتها وضرورة تنفيذها ويفسر مدى الحسرة والألم والغصة التي ذاق مرارتها كل (إسرائيلي) كيف لا ونحن نتحدث عن وحدة تُعتبر نخبة النخبة تتبع ركن الاستخبارات الذي يمثل عيون وعصب العمل العسكري في الجيش بجميع تصنيفاته ومجالات عمله ما يعني أن فشلها له مذاق خاص مر مذاقه كالعلقم.

ثانيا: إن مجرد الكشف عن هذه العملية بحد ذاته يعتبر صدمة كبيرة وصفعة مدوية للمنظومة الأمنية الإسرائيلية برمتها؛ لاسيما وأن هذه الوحدة قد تمرست في العمليات السرية على مدار سنوات طويلة في عمق مناطق (العدو) إلا أن غزة ليست كغيرها بحسب اعتراف وزير الحرب السابق موشيه يعالون (يمكن لجنود الوحدة أن يتجولوا في كل مكان في العالم دون أن يلاحظ وجودهم أحد أو يثيروا شكوك أحد؛ إلا أن العمل في غزة يشكل تحدى كبير إذ ان مقاومتها ومواطنوها لدي قوة ملاحظة عالية وحساسية لمثل هذه العمليات).

ثالثا: ضياع فرصة ذهبية للحصول على معلومات أمنية دقيقة عن تحركات المقاومة أو عن مكان الجنود الأسرى لديها، لسد الثغرات في هذا الجانب في ظل السيطرة الشبة تامة للأجهزة الأمنية في غزة ومراقبتهم لتحركات العملاء التي قلصت من قدرات (إسرائيل) وأبطلت مفعول أحد أهم وسائلها في جمع المعلومات.

رابعا: مقتل ضابط كبير برتبة مقدم وإصابة آخر عدا عن إهدار طاقات وميزانيات هائلة لتدريب أفرادها على مدار أشهر طويلة للقيام بهذه المهمة.

خامسا: فقدان المنظومة الأمنية (الإسرائيلية) هيبتها أمام غزة وذلك على ضوء الفرق الواضح والكبير بين الإمكانات التكنولوجية والعسكرية التي يمتلكها الجيش(الإسرائيلي) والإمكانات المحدودة التي تمتلكها المقاومة.

سادسا: تشكيل سبع لجان تحقيق من قيادات وازنة داخل الجيش لمعرفة أسباب الفشل والاخفاقات وتحديد المسئولين عنها؛ إلا ان النتائج التي توصلت إليها هذه اللجان بعد ثمانية أشهر من التحقيقات أدت إلى تصدع وخلافات داخل قيادة الجيش ودفعت قائد سايرت همتكال ورئيس قسم العمليات إلى تقديم الاستقالة.

سابعا: فشل في توفير غطاء محكم لتواجد أفراد الوحدة وعدم قدرة قائدها على إقناع المقاومين بصدق روايتهم وادعاءاتهم.   قولوا انتصرنا واهربوا أمام هذا الفشل الذريع لم تجد (إسرائيل) مفر سوى تبنى مقولة الجنرال الأمريكي الذي سأله جنوده بعد قرار الانسحاب والهزيمة في فيتنام، ماذا سنقول للعالم؟ فأجاب: قولوا انتصرنا وانسحبوا. ولكي تطبق هذه المقولة قامت بعدة خطوات: أولا: فرض رقابة مشددة على وسائل الإعلام ومنعها من نشر تفاصيل عن العملية وأسباب فشلها. ثانيا: وصف عملية هروب أفراد القوة من المكان بالعمل البطولي. ثالثا: اتخاذ قرار حاسم بعدم محاسبة أيا من أفراد القوة أو القادة الذين أشرفوا على تدريبهم وإدارة العملية رغم الدلائل التي تشير على الخلل الواضح في أداء أفراد الوحدة وقيادتها. رابعا: منح أفرادها وأفراد وحدة الإنقاذ الجوي 669 أوسمة شرف. خامسا: الادعاء بان قائد القوة قُتل بنيران صديقه للحد من حالة الإحباط التي شعر بها المجتمع (الإسرائيلي) ومنع المقاومة من استغلال مقتله لرفع المعنويات ومراكمة الإنجازات.

  الخلاصة من الملاحظ بأن المقاومة لم تكتفي بما حققته من إنجاز خلال تلك العملية بل أصرت على جباية ثمن من الاحتلال ومعاقبته على مجرد التفكير في الاقتراب من غزة وبدأت معركة حد السيف باستهداف جيب عسكري وإطلاق المئات من الصواريخ تجاه العمق (الإسرائيلي) إلا أن تلك المعركة لم تكن الأخيرة، فقد تبعتها صولات وجولات كان آخرها معركة سيف القدس التي أحدثت نقطة تحول في الصراع مع المحتل وأكدت بأن حالة السجال ستظل باقية ما بقي الاحتلال وجرائمه ولترسل رسالة مفادها – لقد أعددت للأعداء سُما ناقعا وسأسقى آخرهم بما سقيت الأولا

المصدر : شهاب

مقالات ذات صلة