الأسباب الرئيسية للاختلاف المذهبي السلبي عند المسلمين، وطرق العلاج للتخفيف منه

د. محمد طاهر أنعم

 

السبب الثالث هو الاستفزاز الذي يقوم به المتعصبون فيؤدي لاندفاع كثير من الجهلة في الأطراف الأخرى للتعصب المضاد.

وهذه ظاهرة منتشرة ومتفشية منذ القدم للأسف، حتى في الأديان السابقة وفيما بينهم.

وهي خطيئة كبرى آثامها متكررة ومتجددة، يحملها مفتعلوها ومؤججوها وتكون مثل السيئة المتكررة التي لا يتوقف إثمها بسهولة.

وهذا الاستفزاز يكون في الغالب بتسفيه رموز الآخرين واحتقارها، أو بالسخرية من عقائدهم واختياراتهم الفكرية أو الفقهية.

وقد يكون الاستفزاز باستهداف جماعة أو أتباع مذهب وطائفة من ناحية أمنية أو تضييق فكري أو إقصاء، أو أحكام السجن والإعدام كالتي نسمعها كثيرا في المنطقة الشرقية بالسعودية.

وقد يكون الاستفزاز بمحاولة فرض القناعات المختلفة مذهبيا وفكريا في المجالات المشتركة كمناهج التعليم أو المساجد في الأماكن المختلطة أو وسائل الإعلام الحكومية وما يشبهها.

وكل هذا الاستفزاز لا خير فيه وهو من تحريش الشيطان وطرائقه في تفكيك المسلمين ونشر العداوة والبغضاء بينهم.

مافائدة أن يأتي الإنسان مثلا لمكان يتواجد فيه من الشيعة الجعفرية الاثني عشرية فيسخر من عقيدة المهدي ويستنقصها ويعتبرها خرافة ويستفز الناس بدون أي غرض أو مبرر شرعي.

أو أن يأتي شخص لمجتمع سنة فيستنقص أحد الصحابة ويجاهر بتكفيره أو سبه مثل معاوية أو عمرو بن العاص بحجة أنه فعل وترك، وهو يعلم أن اعتقادهم رفض سب ولعن أولئك الأشخاص واعتبارهم من الصحابة الذين ينبغي السكوت عن أخطائهم بسبب صحبتهم.

أو يأتي ثالث لاستنقاص ثورات بعض الأئمة مثل زيد بن علي أو غيره باعتبار أنه لم يكن إمامًا معصوما منصوصا عليه (حسب اعتقاد البعض) أو بحجة أنها إحداث فوضى في دولة مسلمة مستقرة تقوم بفتوحات كبرى وتواجه امبراطوريات كافرة مجاورة (حسب تصورات البعض الآخر).

احترم قناعة الآخر، والنقاش العلمي والفكري لا بأس به، ولكن في حدود ضيقة وبين المؤرخين والمفكرين وفي الكتب أو التجمعات الضيقة، وليس في الفضائيات وعلى منابر المساجد أمام العامة وقليلي الاطلاع والمعرفة.

إذا كان الله قد أمر بعدم جدال أهل الكتاب -وهم كفار- إلا بالتي هي أحسن، فما بالك بالآخر المسلم!

والحل أمام كل هذه الاستفزازات هو تضييق مجالاتها، ومنع الانجرار إليها، والتحذير من أولئك الأشخاص الذين يتعيشون عليها، أو يحبون الظهور على أساسها، والجهات التي قد تدعمهم أو تمولهم من أجهزة استخبارات عربية أو أجنبية لأهداف خبيثة.

ولا بد من نشر ثقافة القبول بالآخر والتعايش معه والتشارك في الوطن، وتفهم أن تكون معه تصورات أو اعتقادات نراها مخالفة ومجانبة للصواب، فلا يمكن أن تستقر الأمة الإسلامية وتتعايش إلا بهذا، وإلا فسنستمر في الاقتتال كالحمقى حتى يبيد بعضنا البعض، ويصدق علينا قول المولى عز وجل (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، كل حزب بما لديهم فرحون).

مقالات ذات صلة